ان عملية السلام الفلسطينية-الاسرائيلية اتخذت طابع الفشل الذريع في عهد اوباما بالرغم من حرص اوباما على السلام في المنطقة لأنها تخدم مصالح امريكا الاستراتيجية لتحقيق امنها الشامل ,ومن جهة اخرى حاول اوباما التركيز على تغير نظرة المسلمين اتجاه الولايات المتحدة بعد سياسه بوش الابن ,ووصف في خطابه ان الدولة الفلسطينية ستكون في مصلحه اسرائيل والولايات المتحدة ,ولو نظرنا الى اصرار اوباما وتكراره الدائم للسلام في المنطقة هذا لا يعني ان السلام سوف يصب في مصلحة الشرق الاوسط ,وانما تحقيق رغبة اوباما بالحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة لذلك سعت جاهده لتسويه الصراع بين اسرائيل وفلسطين ووضع العديد من الاقتراحات الا ان مساعيه باءت بالفشل .
لماذا انحسرت امال اوباما في تسوية عملية السلام الفلسطيني الاسرائيلي؟
أسهمت السياسة الاسرائيلية في عجز عملية السلام الفلسطيني الاسرائيلي التي انتهجها اوباما في عهده.
لعل ابرز القضايا التي تواجهه الشرق الاوسط هي القضية الفلسطينية التي من الصعب ان يتفق الطرفين على تسويه نزاعهما , وعليه حاول اوباما خلال فترة حكمه ان يطرح سياسه عمليه السلام الفلسطيني الاسرائيلي , الا ان هناك معوقات اعاقت هذه العملية كمثل الاستيطان الاسرائيلي, بدأ اوباما يقتنع انه لابد ان يكون هناك حل للصراع العربي الاسرائيلي الا انه لم يستطع ان يحقق اهدافه كما اشار جرجس(2014,ص:168)"لقد قطع وصول نتنياهو رئيسا لوزارة يسيطر عليها اليمين الاسرائيلي المتشدد الطريق امام أية خطوات جدية باتجاه السلام" يفسر الكاتب ان نتنياهو وشركاؤه لا يريدون ان يكون هناك سلام بينهم وبين الفلسطينيين ويؤمنون بمبدأ النزاع المستمر الدائم.
اشار ابراهيم (2010، ص:17) الى مفهوم الاستيطان الاسرائيلي "مفهوم الاستيطان يقضي بتجميع أكبر عدد ممكن من المستوطنين في الاراضي الفلسطينية انطلاقا من الفكرة الصهيونية ان لا صهيونية بدون استيطان، ولا دولة يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة اراضً وتسييجها"
السبب وراء عدم قبول السياسة الاسرائيلية لأي حل سلمي هي انها تريد ان تتوسع في بناء مستوطناتها في الضفة الغربية وفي المناطق الاكثر اهمية لذلك واجهت الحكومة الاسرائيلية ضغط المجتمع الدولي بما فيه ادارة اوباما لتجميد المستوطنات التي يجب على اسرائيل ان تلتزم بها,سعى اوباما الى اقناع السياسة الاسرائيلية على تجميد المستوطنات من خلال ضغط اوباما على حكومة التحالف المشكّلة حديثا في اسرائيل بربيع 2009 لكي تقدم تنازلات في سبيل السلام والتجميد الجزئي لبناء المستوطنات , ولكن كان رفض نتنياهو هو الرد الذي اعاق سبل السلام بين الطرفين, يجب علينا ان نتساءل لماذا السياسة الاسرائيلية ترفض وبشده تجميد الاستيطان وعدم ضمها الى بنود اوباما للسلام ؟
لان اهداف هذا الاستيطان هو تحقيق مطالب الحركة الصهيونية في فلسطين ,وكانت ابرزها هي ان يكون لبني صهيون موطئ قدم في فلسطين وجعله أمرا واقعيا وتهجير الفلسطينيين بقدر المستطاع لأنه يزعمون بأنها "أرض إسرائيل", أشار جرجس(2014،ص:169)" ان انتشار المستوطنات قد اصبح من التوسع في عمق الضفة الغربية على النحو الذي يحول دون قدرة أي حكومة اسرائيلية في المستقبل على ازالتها إلا إذا اجبرها على ذلك التدخل الدولي وهو احتمال ضعيف حتى الان على الارجح" أي ان اسرائيل خلال عقود الماضية كانت تسعى الى تثبيت دولة اسرائيل في الاراضي الفلسطينية, والاحتفاظ بالمناطق الاكثر اهمية وقدسية ,لذلك من المستحيل ان تخضع اسرائيل لمطالب الولايات المتحدة خاصه في تجميد الاستيطان ,و لعبت الولايات المتحدة واسرائيل لعبة التظاهر أمام الفلسطينيين, أي ان اسرائيل تتظاهر بحل الدولتين والولايات المتحدة تتظاهر بتصديقها هذا الزعم .
اذا نظرنا الى أهداف الولايات المتحدة من عملية السلام التي لم تأتي من فراغ وإنما جاءت لتحقق الامن الشامل لأمريكا في الشرق الاوسط وكان من ضمنها المحافظة على امن اسرائيل لذلك عملية تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي كان لا بد منه وايضا كما اشار جرجس(2010،ص:42) "إن حلا للصراع العربي –الاسرائيلي بوساطة امريكية واقامه دولة فلسطينية مستقلة تماما وقابلة للحياة عاصمتها القدس الشرقية سيسهل مهمه امريكا في حوارها مع ايران ,وتناول التطرف السياسي المتصاعد في باكستان " وبالمقابل ان عدم الاستقرار في المنطقة سيعيق كل ما خططته الولايات المتحدة في المنطقة كما اشار سميرة ( 2010,ص:17 )" ان استمرار الصراع العربي الاسرائيلي سيزيد من عدم استقرار المنطقة ويقيد العلاقات الامريكية مع اقرب حلفائها, ويصعب على امريكا تحقيق اهدافها الاقليمية والدولية الاخرى".
عندما بدأت السنه الثانية من ولاية اوباما اصبح هناك التزام من قبل اسرائيل لتعليق بناء المستوطنات لفترة زمنية معينه, ولكنها لا زالت تخالف كل ما مطالب السياسة الامريكية أي انها قامت ببناء 1600 وحده سكنية اضافيه الى القدس الشرقية , يوضح لنا هذا القرار انها عقبة امام السلام ,وعليه لابد ان نستنتج ان السياسة الإسرائيلية لا تؤيد تجميد المستوطنات لان من مصلحه اسرائيل كما ذكر رئيس الوزراء السابق دافيد بن غوريون انها تطمح ان تكون دولة مستقله عن الطرف الاخر بالإضافة الى التوسع والتوغل الى ارجاء العالم العربي كما يدعون , لذلك من الصعب ان يكون هناك عملية سلام بين دولتين في حال عدم تلبيه السياسة الاسرائيلية مطالب ادارة اوباما وتجاهل الهدف الاساسي ,بمعنى اخر ان مطالب اسرائيل تتعارض مع مطالب الشعب الفلسطيني وكلاهما يصطدم بالمطالب, لان من وجهه نظري ارى ان اسرائيل لها عده مقاصد من بناء المستوطنات اما ان يخضع الشعب الفلسطيني لمطالب اسرائيل دون شروط مسبقه ام انها تستخدم القوة لتهجيرهم وإنهاء ما يسمى بالدولة الفلسطينية.
الامر الذي جعل اوباما يتجه الى الاستناد بخطوط 1967 مع تبادل طفيف للأراضي هو ان الشعب الفلسطيني أدرك ان اوباما فشل في الضغط الحقيقي على اسرائيل حول تجميد الاستيطان بل اتهام الولايات المتحدة على دعم الموقف الاسرائيلي، ومن جهة اخرى رفض نتنياهو تمديد فترة تجميد المستوطنات التي انتهى مفعولها في 26سبتمبر2010, ولكن هل الاستناد الى خطوط 1967 غيرت من موقف اسرائيل لعملية السلام بين الطرفين؟ ذكرنا ان لا سلام مع اسرائيل لذلك كان موقف نتنياهو هو الرفض لان حدود 1967 تشمل القدس والضفة الغربية وتفصل اسرائيل عن الدول العربية هذا يعني تطويق حدود اسرائيل وعدم توسعها، اشار جرجس (2014، ص:183)"لن تعترض الولايات المتحدة لتحديد افضلياتها لاتفاقية سلام ولن تصر على ان تكون الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967" لان الحكومة الاسرائيلية تدرك ان الاعتراف بحدود 1967هي الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لو ان فعلا الولايات المتحدة لا تقف بجانب اسرائيل لتحقيق غرضها لما اتجه عباس الى الامم المتحدة للضغط على اعلان الدولة الفلسطينية, وكان رد الولايات المتحدة كما اشار ابوختله (2014,ص:22)" كان رد "أوباما" إرساله رسالة رسمية إلى الدول الأوروبية لتحذيرها من التصويت لصالح الطلب الفلسطيني" وسعى اوباما الى انشاء مفاوضات مبينه على خطوط ما قبل 1967 الا انها بابت بالفشل بسبب ان الدبلوماسيين الفلسطينيين مستمرون في طلب التصويت في الامم المتحدة , ومن جهة اخرى حاولت اللجنة الرباعية دعم الرؤية السلمية لعملية السلام الا ان هذه اللجنة لم تقدم اية فرصة لجمع الطرفين معاّ او اللجوء الى اتفاق سلمي بينمها, بل ان الحكومة الاسرائيلية ماضيه في بناء المستوطنات حيث انها اقامت 1100 وحده سكنية في القدس الشرقية ولم تبالي بردة فعل الولايات المتحدة مما جعل رؤية اوباما لعملية السلام الفلسطيني الاسرائيلي تتجه نحو الفشل في تسويتها .
اصحبت فرص إيجاد تسوية سياسية للصراع الفلسطيني -الاسرائيلي ضئيلة جدا, لاسيما ان الرئيس الامريكي لم يستطع ان يجد حلاَ يتوافق عليه الطرفين وعندما يحاول ان يجد تسوية بينهما يخرج اليمين الاسرائيلي ليحتج ويرفض أي حلول تساهم في تسوية الصراع لذلك نرى ان العلاقة الفلسطينية الاسرائيلية معقدة وستظل في نزاع مستمر , اما بالنسبة للإدارة الامريكية تدرك تماماَ ان الأمن الشامل للولايات المتحدة في الشرق الاوسط لن يتحقق الا اذا تم تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, ولا ننكر سياسه اوباما اتجاه هذه العلمية التي اخذت مجهوداَ كبيراَ لتسويه النزاع الا ان النتائج كانت مخيبة للآمال لان من الصعب ان نغير فكرة قد بنيت على الواقع وكرست نفسها للوصول الى الهدف .