11 Nov
11Nov

 المقدمة:

شهدت اوروبا  حركة الاصلاح الديني وكانت هذه الحركة بمثابة حدث هام في التاريخ الاوروبي بعد ان سبقتها تطورات اسهمت في ظهورها للتخلص من شرور الكنيسة والتحول نحو عهد جديد في حركة واجهت قمع وقسوة الكنيسة الكاثوليكية الا انها لم تتمكن من انهائها,وبقيت تتفاعل مع مفكرين ورجال دين واصلاحيين ينتقدون المظاهر السلبية في الكنيسة ,وقد انفجرت حركة الاصلاح الديني في مطلع القرن السادس عشر كحركة سياسية واجتماعيه وثورية,شملت مناطق واسعه من اوروبا , ما هي اهم الاسباب التي ادت الى الاصلاح الديني ؟ وما هي اهم مظاهره؟

 

كانت مساؤى الكنيسة الكاثوليكية وممارسات رجالاتها من دوافع الاصلاح الديني ويعرف ان الكنيسة الكاثوليكية سيطرت على الناس لفترة طويلة سيطرة خطيره خاصه في مقررات البلاد منذ ان سادت في العصور الوسطى النظرية القائمة بأن البابا هو ظل الله في الارض ,(وذكر الدكتور عبدالحميد البطريق في كتابه التاريخ الاوروبي الحديث من عصر النهضة الى مؤتمر فيينا )ان هذه النظرية حجبت سلطان الحكام الاوروبيين من اباطرة وملوك وجعلت من حق البابا ان يتدخل في شؤون الدينية والسياسيه لكل الحكومات باعتبار ان السلطة تأتي من الله مما ادى الى  شعور كل الحكام بأن  للبابا في بلاده نفوذ لا يقل عن نفوذه [1]ولكن كيف استطاعت الكنيسة ان تنشئ هذه النفوذ ووتضم الى اقطاعياتها ثلث الاراضي السبب يعود الى منح النبلاء والامراء الكنيسه الاراضي ومدهم بالاموال للتقرب من الرب وتزكية انفسهم واذا لم يساهم في منحهم الاراضي والاموال سوف يؤدي الى غضب الرب هكذا ازدات نفوذهم وسلطتهم ,(وذكر الدكتور عبدالحميد )ان الكنيسة كانت تتصرف بأمور الدولة حيث انها تفرض الضرائب على الرعايا في اي بلد من البلاد لمصلحة الكنيسة ويعين رجال الدين الذين يختارهم دون تدخل من عاهل الدولة ونتيجة لذلك تسلطت الكنيسة على جميع مؤسسات الادارية والقضائية والعسكرية وبدأت تبحث عن اساليب اخرى لتوفير موارد مالية وكان تسلط الكنيسه على ممتلكات الدولة ساهم في بروز فساد الكنيسة الكاثوليكية والتي تمثلت في رجال الكنيسة وعلى راسهم البابا يعيشون عيشه الترف والمجون وتحولت الولايات الباباوية الى دول علمانية واستخدم البابا كل الوسائل الغير شرعية لتحقيق اغراضة السياسية ومن ناحية اخرى (ذكر الدكتور مفيد الزيدي في موسوعه تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر) عن كيفية ممارسه الفساد في الكنيسة كان العديد من رجالات الكنيسة يعيشون حياة بعيده عن المسيحية والحياة الدينية واصبحوا رجالات اقطاع امتلكوا مساحات واسعه من الاراضي وباعوا المناصب الدينية وتاجروا بصكوك الغفران وكانت الكنيسة جدا حريصه على ان تفسر قراءه الكتاب المقدس على طريقتها ليخدم مصالحها ولم تكتفي بهذا بل منعت الناس ان تقراء الكتاب المقدس حتى لا يفسروا الكتاب بصورة لا تخدم مصالحها ومنعت الكنيسه التعليم والتعليم فقط لرجال الدين مما ادى الى انتشار الجهل وسيطرت الكنيسه على قلوب وعقول الناس ومارست حولهم اساليب عده لتعزيز نفوذها وسيطرتها [2]وكانمت سياسية الكنيسه هو نشر افكار تربط الانسان بها وبالقناعه بالحياه الدنيا وان الانسان مذنب على الدوام ولا يستطيع التكفير عن ذنوبة الا عن طريق رجالات الكنيسه الذين جعلوا صكوك الغفران ذريعه اتخذوها لتكفير ذنوب الناس ومن بعدها عاش رجال الكنيسه حياه البذخ والرفاهيه والترف واستخدموا محاكم التفتيش للتخلص من معارضي الكنيسة بطرق بشعه وقاسية وكانت نتيجه هذه الاعمال الغير اخلاقيه سبب في فقدان هبيه الكنيسة ومكانتها الدينية في نظر الناس , وطالبوا باصلاح الكنيسة [3].

 

اما بالنسبة لمظاهر الاصلاح الديني فهي انقسم الكنيسة الكاثوليكية ولكن كيف انقسمت ؟(ذكر الدكتور مفيد الزيدي في موسوعه تاريخ اوروبا الحديث والمعاصر) ان النزاع في الحرب بين الامبراطور شارل والامراء الكاثوليك ادى الى ظهور الامراء البروتستانت في المانيا وتوسعت ممتلكاتهم على حساب الكنيسة ولكن الامبراطور عقد صلح مع فرنسا للقضاء على الامراء البروتستانت واندلع الحرب بين الطرفين وانهزم الامراء البروتستانت وخضعوا الاوامر الامبراطور الذي يعمل من اجل فرض الكاثوليك ويحاول تقليص نفوذ الامراء واثارت اجرائته هذه استياء البروتستانت والكاثوليك مما ادى الى شن هجوم ضد الامبراكطور وهزموه وهرب الى كارنتيا ولكن بقيت المانيا في صراعات وحروب ودينية وضعفت السلطة المركزية وتنامت سلطة الامراء والاقطاعيين في المانيا  وانقسمت الكاثوليك وبروتنساننت اما في سويسرا استقبلت حركة الاصلاح الديني بالقبول وحاولت ان تستخدمها كوسيلة من اجل تقوية مركزها السياسية وظهرت شخية كالفن الذي اصدر كتاب تنظيمات العقيده المسيحية وانتشر بين البروتستانت وترأس كالفن الحزب البروتستانتي في جنيف وفرض الزهد بين الناس ومنع البذخ وفيما يتعلق في انقلترا نرى ان الكنيسة انفصلت عن البابوية لرفض البابا الموافقه على طلاق هنري من زوجته كاترين وبعد هنري الثامن اصبح ابنه ملكا وكان ابنه يميل الى البروتستانت وتقربت الكنيسة الانكليزية في ظل حكم ادوارد من البروتستانتية وحدثت صراعات بعد وفاه ادوارد وعندما اصبحت ابنته الملك حاكمه على البلاد كانت كاثوليكية وحاولت ان تلاحق البروتستانت للقضاء عليهم ولكن فشلت جميع المؤامرات وعندما توفيت ملكت اليزابيث وكانت بروتستانتية [4]اخذت البروتستانت تنتشر في ارجاء اوروبا وانفصلت الكنيسة الانكليزية عن روما وانتشرت الكالفنية في الاراضي المنخفضة وانقسمت المانيا الى كاثوليك ولوثريين وانتشرت البروتستانتية في البلاد الاسكندنافية وكان لابد للكنيسة الكاثوليكية ان ترد على هذه الهجمات فهاجمت البروتستانيتة مع دعم القوى الاقطاعية واستخدمت الكاثوليكية اساليب عده للاصلاح المضاد وهدفها هو تأمين سيادة الكاثوليكية وكانت نتيجه هذه الصراعات الفكرية  والدينية بين البروتستانيتة والكاثوليكية ان انقسمت اوروبا عبر دولها ومقاطعاتها الى لوثرية وزوينكلية وكالفنية وانكليكانية وساد التعصب الديني واندلعت الحروب الدينية والمذهبية ولحقت الخسائر الاقتصادية كل من المانيا وايطاليا وذكر الدكتور عبدالحميد البطريق في كتابه تاريخ الاوروبي الحديث ان من مظاهر الاصلاح الديني هو نمو الوعي القومي وقيام الحركات القومية الملكية دافعا نحو الاصلاح الديني وتطلع الناس الى اقامة الكنائس القومية البعيدة عن الهيمنة الاجنبية المتمثلة بالبابوية وتجلى قيام رواد الاصلاح بترجمة الكتاب المقدس الى اللغات القومية وتأليف التواشيح الدينية بهذه اللغات .[5]

 

الخاتمه :

 

يبدو ان حركة الاصلاح الديني كانت لها عوامل سياسية ودينية وذكرنا من اهم هذه العوامل هي تسلط الكنيسه الكاثوليكيه والتي قامت هذه الكنيسة على حساب الامراء والنبلاء من خلال مدهم بالاموال الطائلة ,ثم حدث في الكنيسه امر مهم ايضا ساهم في قيام حركة الاصلاح وهي فساد الكنيسة الكاثوليكية والتي تمثلت في رجال الكنيسة وعلى راسهم البابا يعيشون عيشه الترف والمجون امتلكوا رجال الدين  مساحات واسعه من الاراضي وباعوا المناصب الدينية وتاجروا بصكوك الغفران التي لا اساس لها بالكتاب المقدس اما فيما يتعلق بالمظاهر التي برزت من خلال هذه الدوافع هي انقسام الكنيسه والصراع بين الكاثوليك والبروتستانت وانتشار البروتستانت بشكل كبير جدا في اوروبا, واصبحت ايضا الديانه جزء من الهوية القومية للمجتمعات , واخيرا نلاحظ ان المجتمعات ابتعدت شيئاً فشيئاً عن الدين والكنيسة مما ادى الى ظهور العلمانيه وهي فصل الدين عن الدولة .

 


  
 

 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة